في ظل المتغيرات الكونية والتحديات الحياتية والمجتمعية نجد أن الحياة مليئة بالمفاجآت، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الإنسانية.
فالأشخاص الذين قد يظهرون اهتمامهم بنا اليوم قد يصبحون في الغد بعيدين وغير مبالين.
هذا التغيير المفاجئ في ديناميكيات العلاقات هو أحد أصعب الحقائق التي نواجهها.
هذا يذكرنا بمرونة وصلابة الروابط الإنسانية، وأهمية الاعتماد على أنفسنا حتى في وسط وجود الآخرين.
وهم الاستقرار في العلاقات
لذلك علينا أن نُذكر أنفسنا أنه في مرحلة ما من حياتنا، مررنا جميعًا بلحظات من السعادة في العلاقات القوية، سواء كانت مع الأهل أو الأصدقاء أو الشركاء.
في هذه اللحظات، نشعر بالأهمية، ونشعر أننا محور حياة الآخرين.
قد يكون هذا الشعور مدهشًا، ويجعلنا نعتقد أن هذه الروابط الإنسانية ستدوم إلى الأبد خاصة ان كنت من المحبين للغير والباحثين عن العطاء بلا حدود.
ولكن مع مرور الوقت، يتغير الناس. تتغير الظروف. الأصدقاء الذين اعتمدنا عليهم قد يصبحون مشغولين بحياتهم الخاصة، أو الأسوأ من ذلك، قد يبتعدون عنا دون سبب واضح.
فجأة، نجد أنفسنا في حالة من الاغتراب، نتساءل أين أخطأنا.
الحقيقة القاسية هي أن الحياة مليئة بالمتغيرات، وأن الناس يأتون ويذهبون، وليس جميع العلاقات مقدر لها الاستمرار فالحياة متعددة الأوجه والعقول ليست واحدة وبالتالي العواطف لم تعد متوازنة.
زوال الاتصال البشري
من أصعب الحقائق التي يجب أن نواجهها هي إدراكك أنك قد تكون كل شيء لشخص ما اليوم، وفي اليوم التالي قد تصبح لا شيء بالنسبة له.
فسنن الكون تعتمد على نظرية أن ينمو الناس ويتغيرون، وقد تتحول أولوياتهم، أو ببساطة يفقدون الاهتمام فيما بينهم.
كما علينا أن ندرك أن ما كان في السابق علاقة ثابتة قد يذوب دون سابق إنذار. وهذا ينطبق بشكل خاص في عصرنا الحالي الذي يتميز بالسرعة والتكنولوجيا، حيث يمكن أن تكون التفاعلات سطحية أكثر منها حقيقية.
غالبًا ما نستثمر الكثير في العلاقات، معتقدين أن هذه الروابط تحدد قيمتنا أو سعادتنا.
ولكن عندما تختفي هذه الروابط، يمكن أن يكون التأثير العاطفي كبيراً.
لكن فقدان علاقة كانت في يوم من الأيام ثابتة قد يجعلنا نتساءل عن مكاننا في هذا العالم، وفي بعض الأحيان، حتى عن قيمتنا الشخصية.
الحقيقة هي أن العلاقات البشرية بطبيعتها غير ثابتة. وعلى الرغم من أنها قد تجلب لنا الفرح والوفاء، إلا أنها ليست دائمًا ملاذًا موثوقًا في الحياة.
هذه نتحسسه في عالم السياسة حيث أن مجتمعاتها متلونة ومتقلبة فمن كان معك اليوم ليس بالضرورة أن يبقى معك على الدوام!.
كما أن بالسلك الدبلوماسي يعيش الشخص رحالاً حتى في مشاعره وعلاقاته فلا يشعر أن هناك صديق او هناك ما يمكن تسميته ملاذ آمن حيث أن كل حياته متلاطمة ومتنقلة ومتغيرة وليس هناك ثابت.
أهمية الاعتماد على الذات
لذلك نستطيع القول أنه نظرًا لعدم الاستقرار الذي يميز العلاقات، فإن القدرة على الوقوف وحدك تصبح أمرًا بالغ الأهمية.
هنا ما عليك إلا أن تتعلم كيف الإعتماد على الذات والنجاة بمفردك (ومعيتك) — ليس في العزلة، بل مع قوة داخلية واستقلالية — وهذا يعتبر أمر أساسي لصحتنا العاطفية. حيث لا يمكنك الاعتماد على الآخرين لتحديد قيمتنا أو تحديد سعادتنا.
اذاً من الضروري أن تفهم أن قيمتك ليست مرتبطة بكيفية رؤيتك من قبل الآخرين أو ما إذا كانوا سيبقون في حياتك.
إن تطوير شعور قوي بإيمانك بذاتك يجعلك قوياً متماسكاً، والسعي وراء أهدافك، واهتماماتك الخاصة، ورعاية صحتك العقلية والعاطفية سيمكنك من مواجهة تحديات الحياة. عندما تتعلم أن تكون مرتاحًا مع نفسك، فإنك تصبح أقل تأثرًا بتقلبات مواقف الآخرين تجاهك. في الواقع، إن كونك مستقلًا سيجعلك قادرًا على التعامل مع صعود وهبوط العلاقات بروح من المرونة والهدوء.
قبول حقيقة التغيير
الحقيقة هي أن الحياة غير قابلة للتنبؤ، وكذلك البشر. سيبقى البعض معك لسنوات، وقد يأتي آخرون ويذهبون، وقد يختفي البعض دون أي أثر.
لكن هذه هي جمال الحياة وألمها في نفس الوقت — إنها تتغير باستمرار.
من خلال قبول ذلك، نحرر أنفسنا من التوقعات والإحباطات ووضع آمال كبيرة في الآخرين.
لذلك بدلاً من أن نبكي على العلاقات التي ضاعت، يمكننا أن نركز على النمو الشخصي وفهم أن كل مرحلة في الحياة تقدم فرصاً جديدة للتواصل والاكتشاف الذاتي.
الخاتمة
في النهاية، العلاقة الأكثر أهمية التي ستكون لديك هي مع نفسك. ستختبرك الحياة بتغيرات مفاجئة من حولك، ولكن القدرة على النجاة بمفردك — والنمو — هي المفتاح لتحمل هذه التقلبات.
قد يتغير الناس، لكن إذا كنت ثابتًا في من أنت، سيكون لديك دائمًا القوة للاستمرار، بغض النظر عما تواجهه في هذه الحياة من تحديات.
تذكر دائمًا: اليوم قد تكون مهمًا بالنسبة لشخص ما، ولكن غدًا يجب أن تكون أنت مصدر قوتك الخاصة.
هذه هي الحياة الحقيقية — المتغيرة، غير القابلة للتنبؤ، والتي تمنحنا دائمًا فرصة للنمو والتطور والنجاة وفقًا لشروطنا.